إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الإصلاح الاجتماعي









الارتباط بالجماعة Sociability

الإصلاح الاجتماعي Social Reform

يُقصد بكلمة "الإصلاح" في اللغة العربية: زال عنه الفساد، وصَلُحَ الشيء أي زال فساده. أما المعنى الاجتماعي للإصلاح، فيعني التغيير إلى الأحسن، وتحقيق التقدم وتحديث المجتمع. وينبع هذا التغيير من احتياجات المواطنين، ولا تمليه الصفوة ولا تفرضه فرضاً. ويشير الإصلاح الاجتماعي إلى الحركة العامة، التي تحاول القضاء على المساوئ التي تنشأ من خلل وظائف النسق الاجتماعي أو أي جانب منه. ويقع الإصلاح الاجتماعي في مفهومه وأهدافه بين الخدمة الاجتماعية والهندسة الاجتماعية.

يهدف الإصلاح الاجتماعي إلى تذويب الفوارق بين الطبقات، وتحقيق التكافؤ في الفرص، والمساواة أمام القانون، والعدالة في توزيع أعباء الإنفاق العام، واشتراك جميع أفراد المجتمع في المسؤولية والتمتع بالحريات السياسية.

يرجع الفضل إلى تشارلز بوث في استخدام مفهوم "الإصلاح الاجتماعي"؛ ففي دراسته عن مشكلة الفقر، استطاع التوصل إلى عامل أو نتيجة أساسية، هي: أن الفقر يرجع إلى سوء إدارة وتنظيم المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية، ولا يرجع إلى تقصير الفرد وسوء أخلاقه، كانحرافه السلوكي أو كسله أو إفراطه في تناول المشروبات الكحولية. ومن أسباب الفقر التي وجدها بوث في بحثه، أيضاً، عدم وجود توازن بين متطلبات العائلة ودخلها، إذ إن متطلباتها واحتياجاتها تزيد بكثير عن مقدار دخلها، وذلك لكبر حجمها وقلة دخلها. ومن العوامل الأخرى، التي كشفها بوث في بحثه، عدم وجود مؤسسات الضمان الاجتماعي والصحي، التي تضمن للعمال تأميناً أو دخلاً عن البطالة والمرض. وقد دفعت هذه النتائج بعض أعضاء الطبقة الوسطى في أوروبا إلى المطالبة بالإصلاحات الاجتماعية.

إضافة إلى ذلك، قدّم كيز ميردال بحثاً عن المعضلة الأمريكية، التي ظهرت عام 1944، أوضح فيه مدى تعرض الزنوج إلى الظلم والاضطهاد والتعسف الاجتماعي؛ ما يسبب إحباط آمالهم، وخيبة ظنهم بالمجتمع الذي يعيشون فيه. وهذا من شأنه أن يولد توتراً في العلاقات بين الزنوج والبيض، ويدفع إلى الانفجار والثورة والعصيان. لهذا أكد كيز ميردال على أهمية إدخال الإصلاحات الاجتماعية في مجال العلاقات العنصرية، في جميع كتابته وبحوثه الميدانية. وأشار إلى أن على علماء الاجتماع في المستقبل أن يحددوا مواقفهم، إي مدى قبولهم أو رفضهم لموضوع الإصلاح الاجتماعي كموضوع يزودهم بحقائق موضوعية، تتعلق بتطبيق القوانين والأحكام الاجتماعية على المجتمع، بغية إصلاحه وتنميته.

ويرى هنري بارت فيرشيلد أن حركة الإصلاح الاجتماعي تهدف وتحاول إبعاد وإزاحة مظاهر الفساد، أو التخفيف منها. تلك المظاهر التي تنجم عن إعاقة النسق الاجتماعي ـ أو أي نسِّيق Sub – System من الأنساق التي تكوّن هذا النسق الاجتماعي ـ عن القيام بوظائفه.

وهناك من يرى أن حركة الإصلاح الاجتماعي تحاول تحسين الأحوال والأوضاع داخل النسق الاجتماعي، دون إحداث تغيير في الطابع الأساسي المميز للنسق نفسه. فيرى حسن سعفان في "معجم العلوم الاجتماعية" أن مفهوم الإصلاح الاجتماعي يعني إحداث تغيير في نموذج من النماذج الاجتماعية، أملاً في الوصول إلى تحسين ذلك النموذج. وتُعني حركات الإصلاح بتخفيف مساوئ النظام الاجتماعي وتصحيح الأوضاع الفاسدة، من طريق التعديل في بعض النظم الاجتماعية، من دون أن يؤدي ذلك إلى تغيير البناء الأساسي للمجتمع. فالإصلاح حركة تحاول تخفيف الآلام الاجتماعية الناجمة عن إحباطات تعوق النسق الاجتماعي، عن أداء وظائفه.

وقد فرّق بعض العلماء بين الثورة والإصلاح؛ فالثورة معنى واسع يُغطي أشكالاً عديدة لاستخدام القوة، قد لا تبدو قانونية أو شرعية بالمعنى المحدود؛ ولكنها تهدف في النهاية إلى إحداث التغيير الفجائي؛ ومن ثَم، فالثورة تشير إلى مجموعة من الأحداث تُستخدم فيها القوة بنجاح للإطاحة بحكومة أو نظام سياسي معين، وإذا لم تنجح الثورة أُطلق عليها تمرداً أو عصياناً مسلحاً أو انتفاضة. أما الإصلاح الاجتماعي، فهو تعديل غير جذري في النظام السياسي والاجتماعي القائم، من دون مساس بالقواعد والأسس. ويهدف إلى إحداث تغيير في الشكل وتعديل في التفاصيل، وإزالة خطأ من الأخطاء. ولا يعدو أن يكون محاولة تحسين، أو رتق الشيء وسند ما هو موجود بالفعل؛ فالإصلاح أشبه بالدعائم التي تحول دون انهيار المبنى.

وعلى الرغم من تباين التصورات والتعريفات، فيمكن الوقوف على بعض العناصر المشتركة، التي قد تصلح أساساً لتصور واضح لمعنى الإصلاح الاجتماعي؛ تصور يتصف بقدر من الشمول والمرونة الواقعية في آن واحد. فالإصلاح هو الحركة العامة الموجهة لإحداث تغيير تدريجي بطيء في المجتمع، تستند في التزامها بالتغيير إلى الإرادة الواعية لأفراد المجتمع، وتهدف إلى إزالة الخلل والفساد المنتشر في قطاعات المجتمع المختلفة، وتحقيق تكافؤ الفرص والعدالة أمام القانون بين جميع أفراد المجتمع وفئاته المختلفة، والعمل على تنمية أساليب المشاركة المجتمعية في بناء المجتمع وتطويره إلى الأفضل، والتمتع بجميع الحريات المدنية والسياسية وحقوق الإنسان في المجتمع.